1 قراءة دقيقة
30 May
30May

الانتخابات البرلمانية الليبية: العراقيل والتحديات التي تعترض الاستقرار السياسي

 الأستاذة/ رقية محمود مهدي المغربي

الأكاديمية الليبية للدراسات العليا- اجدابيا

من خلال الدراسة والاطلاع على الواقع الليبي نلمس العراقيل التي تواجه الانتخابات البرلمانية في ليبيا لإقامة دولة القانون التي يسودها القضاء الصارم، مما يشير إلى عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وإقامة انتخابات نزيهة وشفافة في مواعيدها المحددة، وهذا بطبيعة الحال يرجع إلى النزاع السياسي والتناحر على السلطة، ويمكن الإشارة إلى أسباب تأجيل الانتخابات في النقاط التالية:

 1- ضعف الأداء التشريعي والسياسي لمجلس النواب المتمثل في البرلمان وعدم قدرته على حل الأزمة السياسية داخلياً.

 2- الضغوطات التي تمارس من أطراف خارجية، مما أدى إلى عدم تسوية الأوضاع داخليًا، وانقسام الحكومات في إدارة وإجراء الانتخابات البرلمانية، وإعطاء الفرصة لسد الفراغ السياسي الحالي، ويظل الحل الوحيد هو الاستفتاء على الدستور، وإن صح التعبير لازال يطبخ على هوى أطراف لا تنتمي لوطنية البلاد، وإنما وفقًا لأهواء خارجية.

 3- ظهور تكتلات ومنظمات ترفع شعارات تدعي المصلحة الوطنية لإقامة انتخابات وتزاحم المشهد السياسي.

 4- عدم وجود حكومة تمارس كافة صلاحياتها على التراب الليبي، يزيد من صعوبات إجراء الانتخابات.

 5- وجود الصراع القائم بين مجلس الدولة والسلطة التشريعية لعدم اعتراف كل منهما بالآخر حيث يعد أحد أسباب عدم قيام الانتخابات النيابية.             

وفي ضوء هذه الأسباب نجد أن الانتخابات قد عُرقلت، وحتى البعثة الأممية علي الرغم من وجود ليبيا تحت وصايا مجلس الأمن قد استغرقت مدة كبيرة دون الوصول إلى الهدف الذي أنشأت من أجله خلال المدة المكلفة بها، ومهمتها المتمثلة جمع الليبيين على طاولة الحوار الليبي- الليبي، وبنظام سياسي موحد، وإنهاء التفرقة السياسية، وتوحيد مكوناتها ومؤسساتها، كما خرجت اللجنة الاستشارية المنبثقة عنها عن المسار الذي كاد أن يكون الطريق الذي يعيد الثقة بين الإطراف المتنازعة على السلطة، وتوحيد وترميم الخلافات، ومنها تفعيل الدور الأهم، وهو إقامة انتخابات برلمانية، والخروج بدستور من خلال الاستفتاء عليه من قبل الشعب صاحب السلطة، وتنبثق عنه السلطة التشريعية التي طالما كانت ولا زالت الحلم المنتظر. .             

وعليه تحفظ الحقوق والحريات العامة، وقيام دولة سيادية يحكمها القانون، ورفض حكومات المنظمات التي تستعمل لصالح أطراف وأجندة خارجية، وحماية أمنها، وتحقيق استقرارها، مع ذلك لم نجد أي من الأطراف يسعى إلى ما ذكر. وإنما يقوم حسب ما تمليها عليه الأطراف السياسية الخارجية  لتحقيق مساعيها، وذلك بوضع أيادي ليبية مجندة  من خلال المنظمات الدولية التي تدعي حماية حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي لتخدم وفق سياساتهم وتنجز غاياتها، والمستهدف منها ليس مصلحة الشعب الليبي، وإنما الوصول إلي أمور تتعلق بمصالح خاصة منها النفط الذي يمثل الجزء الأكبر من مصالحها مع ليبيا، وما تمتلكه أيضًا الدولة من مقدرات فهي تنظر إلى السيطرة على ذلك، دون النظر إلى المصلحة الأهم قانونيًا ودوليًا، وهي جمع الأطراف الليبية على طاولة حوار موحدة، ونبذ كل الخلافات أيًا كانت دون النظر إلى أي نظام تتبع، وحفظ  أمنها القومي، وكيانها الوطني.             

وفي نهاية الأمر ومن خلال تتبعي للساحة الليبية، وما يحدث من صراعات أود الإشارة إلى ضرورة النهوض بالشعب والالتفاف حول دستوره، وعدم الانسياق والانجرار حول الاجتماعات التي تحدث واحدة تلو الأخرى من أطراف أصبحت هي من تسير الوضع الراهن في ليبيا. وإغلاق كافة الطرق أمام من يدَّعون تقديم سياساتهم كحل للصراع وتقديم آرائهم لتوحيد الصفوف، وهم بعيدين كل البعد عن التحديات التي تواجه ليبيا حاليًا، وقفل الباب أمام المزاعم والآراء التي تحاول زعزعة الأمن، وإثارة الفتنة لتزيد الأمور أكثر تعقيدًا. وتصعيد العراقيل دون جدوى لإيجاد الحلول والفرص التي تمنح حق الخروج بدستور يوحد الدولة، ويحفظ هيبتها خارجيًا وداخليًا.

             فالواقع الليبي أصبح أكثر تعقيدًا وتشعبًا في الآونة الأخيرة إذ لم تقم الإطراف الليبية الوطنية بتكثيف اجتماعاتها بين أبناء الشعب بجميع أطيافه ومكوناته، ورفض التدخل الأجنبي، وإعلان المصالحة الشعبية، ونبذ الكراهية، وتسوية الأوضاع لحسم زمام أمور الدولة بأيادي ليبية ترفض أن تكون تحت صفوف وإمرة أي قواعد أجنبية. فالوطن يمثل الشعب، والشعب هو من يصنع قواعد سياسته ويمثل صوته من خلال دستور يحمي حقوقه وحرياته وسيادة أمنه القومي والاقتصادي والعسكري.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.